الاثنين، 27 ديسمبر 2010

Islamic Sufism



التصـــوف الإسلامي

منـــهج حـيــاه مـتكامل

يعد التصوف الإسلامي من ابرز تجليات الحضاره الاسلاميه عبر التاريخ فهو جزأ لا يتجزأ منها ..فقد قدم لها العديد من الشخصيات والأعمال على شتي المستويات الحضاريه من فكر وفن وشعر .. وهو حركه روحيه واسعه على امتداد القرون ولذلك لا يمكن دراسه هذه الحضاره الاسلاميه مع تهميش الحركه الصوفيه فيها فهذه الحركه نشات كجزأ لا يتجزأ من الحضاره الاسلاميه الأم .. والحقيقه ان التصوف حركه ثقافيه بلاشك وهو في نفس الوقت حياه وجدانيه وقيم معنويه وتجربه روحيه وانسانيه عميقه ..

وهو كما سماها دكتور محمد مصطفي حلمى " الحياه الروحيه في الدنيا والأخره فهو ف أخر الامر يمثل انتصار الروح لى الحرف اذ ان الروح تحي والحرف يميت "

والصوفي هو ذلك الإنسان الذى توجه بذاته كلها نحو الحقيقه المطلقه فأحبه اشد الحب وأحب فيه وله ولحبه الفائق كل الخلائق فأصبح هو الانسان الحر الحي لانه حقق غايه حياته البشريه وهي الالتقاء مع رفيقه الاعلي وحبيبه الأسمي وهو الله متوجها اليه عبر سلوك شاق من مختلف المقامات والاحوال الروحيه

وأنا ارى اننا الان في اشد الحاجه لمثل هذا النوع من العلوم والدراسات بعد ان صرفنا وقتنا كله وكرسنا حياتنا بأكملها لخدمه الدنيا واهتممنا بالظاهر واهملنا وببراعه النظر الى البواطن التى هى الأصل والجوهر في النفس وتخلفنا فلم نحقق لا غنجازا ذاتيا ولا اجتماعيا ولا تقدما ماديا او روحيا .. واعتقد ان هذه الماده كفيله بان تعطينا ولو دفعه بسيطه للإهتمام بما في داخلنا وإصلاحه

او كما يقول دكتور عبد الرحمن بدوي

"آن لنا الان ان ننفذ الى صميم الحياه الروحيه في الاسلام متمثله في اولئك الذين اشاعوا سوره التوتر الحي مغرضين على الظاهر الساذج المستقيم الى الباطن الشائك الزاخر بالمتناقضات وهم في هذا كله لم يكونوا معبرين عن انفسهم الخصبه فحسب بل كانوا يتجسدون نوازع عامه يسري تيارها في الامه المؤمنه كلها "

** تعريف التصوف

من الصعب ان نقف على تعريف يجمع كل الأطراف حول الزهد .. خاصه وان الزهد مبدأ تتنازعه اطراف الصحابه والزهاد من التابعين والمتصوفه وحتى الفلاسفه المسلمون منهم والكفار .. ولن نحاول قصر التعريف على الجانب الروحانى فقط او التقشف دون سواه مع العلم ان التصوف تجربه روحيه وةانسانيه عميقه ولكن التصوف كما عرفه احد الصحابه هو احد سبل اقامه حق العبوديه لله عز وجل بهجر الشهوات والمعاصي والتورع عن الحرمات وترك كثيرا من المباح طمعا فيما عند الله

فإن نعيم الدنيا سرعان مايزول ونعيم الاخره باق لا يفني وقد يكون الزهد مع الغني وقد يكون مع الفقر لانه منهج حياه متكامل وطريقه لفهم الكون عن طريق التقلل من الشهوات والسير الحثيث صعدا الى الأخره

وهكذا ندرك ان الزهد عمل قلبي ارتضاه صاحبه فترجمه لنا قولا حكيما سليما ثم فعلا ينطق بأفضليه سالك طريق الزهد وهكذا كان الصحابه والتابعين زهادا وعبادا صادقين طمعوا فيما عند الله وزهدوا فيما عند الناس فكانوا هم القدوة والاسوه الصادقه

ولقد عبر شيخ الإسلام بن تيميه عن هذا المنهج حين رأه المنهج المتكامل لكل مسلم سلفي

فقال " من بني الإراده والعمل والسماع المتعلق بإصول الاعمال وفروعها من الاحوال القبليه والاعمال البدنيه على الايمان والسنه والهدي المحمدي فقد اصاب طريق النبوه "

** أصل كلمه التصوف

كثرت الأقوال حول اشتقاق كلمه التصوف ولكن اشهرها هو

.. انه من الصوفه .. فكأنه كالصوفه المطروحه لإستسلامه لأوامر الله عز وجل

.. انه من الصفه .. اذ ان التصوف و اتصاف المسلم بمكارم الاخلاق والافعال المحموده وترك المذموم منها

..انه من الصفه لان صاحبه يتبع اهل الصفه الذين هم الرعيل الاول للتصوف وهم مجموعه من الفقراء والمساكين كانوا يسكنون المسجد النبوي وكان الرسول يعطيهم من الزكاه والصدقات طعامهم ولباسهم ..

..انه من الصفاء .. لان المتصوف لابد ان يكون صفي القلب نقي النفس صادق النيه

..انه من الصوف لان المتصوفه كانوا يؤثرون لبس الصوف للتقشف والإخشيشان فسموا بالمتصوفه إنتسابا للبسه الصوف دون سواه

.. انه من الصف ..فكأنهم في الصف الاول عند الله عز وجل وتسابقهم لفعل الخيرات ونيل الطاعات

.. بينما ارجع البعض اسم التصوف الى رجل عابد ف الجاهليه كان يلقب بصوفه واسمه الغوث بن مره كان ملازما للبيت الحرام زاهدا عابدا ومن تشبه به كان يسمى صوفي .. ومنهم نشأت طبقه المحتنفين ومنهم ورقه بن نوفل .. اما المستشرقين فارجعوا التصوف الى كلمه صوفيا وتعني الحكمه وعندما فلسفت العرب عبادتهم حرفوا الكلمه واصبحت صوفي ومعناها الحياه الروحيه

..

**

التصوف عند الصحابه هو احد سبل اقامه حق العبوديه لله عز وجل

التصوف عند الامام الجنيد استعمال كل خلق سني وترك كل خلق دني

التصوف عند دكتور عبد الرحمن بدوي هو الحياه الروحيه في الاسلام

التصوف عند دكتور محمد مصطفي حلمى هو الحياه الروحيه في الدنيا والأخره

التصوف عند دكتوره جيلان صالح

هو الرقي الروحي عن الحياه بكل مافيها من مغريات وشهوات والصعود بالذات النورانيه الى الإيمان الملائكي في الملكوت الربانى
==

نماذج من تاريخ التصوف

الخوف عند البصري

المحبه عند ابن ادهم

التوبه عند القشيري

الخوف عند اللجائي

العزله عند الخركوشي

الصدق عند البلخي

العلم اللدنى عند الغزالى

الظاهر والباطن عند ابن خلدون

==

** الحسن البصري

هو ابو سعيد بن ابي الحسن المعروف بالحسن البصري ولد بالمدينه المنوره سنه 21 هجريه وكانت امه مولاه ام سلمه زوجه النبي صلي الله عليه وسلم

يعتبر مثالا واضحا للحياه الروحيه التى كان يحياها الزاهد العابد في القرنين الاول والثاني الهجري

توصل الى تصفيه القلب عن طريق التأمل والتفكر فقد كانت حياته عباره عن تأمل وتفكر وزهد وتقشف ..كان خائفا من الله لأبعد حد لدرجه انه اعد الخوف هو زاد التصوف

وصفه ابو نعيم الاصفهاني حليف الخوف والحزن اليف الهم والشجن

يقول عنه عبد الرحمن بن الجوزي مارأيت حزنا اطول من حزن الحسن ومارأيته الا حسبته حديث عهد بمصيبه ولو رأيت الحسن لقلت قد بث عليه حزن الخلائق لطول تلك الدمعه ..ما رأيت اخوف من الحسن وعمر بن عبد العزيز كان النار لم تخلق الا لهما "

==

الخوف عند الإمام الحسن البصري

هناك اشياء يحسبها البعض انها عاديه لا تحمل في جوفها اى قيمه ..لكنها عند الباقي ذات قيمه عاليه ومعنى جوهري عظيم .. هؤلاء الذين يدركون مدي اهميتها ومغزاها قليلون لانهم ينظرون اليها نظره مختلفه وعميقه متشبعه بالنور الإلهى ..هم الصفوه الذين اصطفاهم الله عز وجل لمعرفه ايات محدده حرم منها البعض فسجلوا لنا تجربتهم الروحيه مع الله وكيف وصلوا الى تلك المرحله

من هذه الاشياء التى قد يراها البعض مجرد عوامل مساعده لإشباع حاجاتهم الماديه الجوع الخوف الرجاء الحب العزله الحزن وحتى المعاناه

كل هذه الاشياء ينظر اليها الكثيرون م على السطح لكن كل منها تحمل في داخلها عوامل ودوافع كثيره للإستزاده منها

عندما يشعر اى انسان بالجوع قد يركز كل تفكيره على كيفيه اشباع رغبته الملحه في إيجاد طعام ولكن الجوع عند الإمام البصري معاناه حقيقيه واحساس بمعاناه الاخرين الذين لا يملكون القدره على ايجاد طعام او الحصول عليه .. انه في الحقيقه تجربه حقيقيه وليس فقط رغبه الأنا في سد حاجه الهو

يقول الإمام ادمى الجوع وشعاري الخوف ولباسي الصوف ودابتى رجلى وسراجى بالليل القمر وصلابتى في الشتاء الشمس وفاكهتى وريحانى ماانبتت الارض للسباع والانعام ..

هذا الكلام لا ينبغي الوقوف على ظاهره لانه يحمل في باطنه كثير من الحقائق والتجارب التى قد يكون مر بها البعض لكنه عجز عن التعبير عنها

عندما يصرح الإمام بأن ادمه هو الجوع فهذا حقيقي

فنحن نجد العاشق يسلبه عشقه عن لذه الطعام والشراب بل وحتى النوم بل يحدث له من الطرب والسرور بما هو فيه من اللذات الروحيه ما يشغله عن الإلتفات بما فاته من اللذات الماديه وحينها تتوجه ذاته الى حب اللذات الروحيه وتتسلط عليه دواعي الشوق والسرور الى استكمال وصال هذه النفس المعشوقه بل والاتحاد بها

كذلك فغن الخوف والرجاء مقامان مهمان واساسيان ايضا من مقامات العشق الإلهى ..فإن من احب شيئا خاف انقطاعه ورجا ثبوته فإن من ذاق لذه القرب من الله عز وجل وشعر بمدي لذه ان يكون من احباب الله خاف من ان يقع في اى شئ او معصيه يصحبه انقطاع مثل تك الهبات ..

والزهد هنا في جمله الإمام البصري ليس زهدا ف الاشياء الروحيه بل ايضا في الاشياء الماديه التى هى مشترك عام بين المتصوف والرجل العادي فإن الانسان اذا عاش ع الضروري فالضروري م يشغل نفسه بتامين الغد واحوال المعيشه وكيفيه جمع المال واللللللخ عاش مطمئنا قنوعا لا تشغله المصائب ولا تحزنه فالعقل مارد اذا وجه الى الاشياء الروحيه كان نعمه واذا وجهه الى الاشياء الماديه كان نقمه

ويتضح ذلك من حديث الرسول من كان امنا في سربه عنده قوت يومه ..الخ الحديث

يقول الامام والله لئن تصحب اقواما يخوفونك حتى يدركك الامن خير لك من ان تصحب اقواما يؤمنونك حتى يلحقك ىالخوف

الأمر هنا مرتبط اكثر بوعاء الصحبه وتأثيرها على الخوف من الله عز وجل فمصاحبه اخوه صالحه في الله تدلنى وترشدنى الى مافيه الصلاح احب الي من ان اصاحب اخوه يجروننى الى المهالك فأصيب الامن ف الدنيا ويلحقنى الخوف بالأخره

ويتضح ذلك من حديث الرسول المرء على دين خليله فلينظر احخدكم من يخالل

والمؤمن الصادق هو ذلك الذى يمسي حزينا ويصبح حزينا على مافعله من الذنوب والمعاصي

يقول الامام ان المؤمن ليصبح حزينا ويمسي حزينه لانه بين امرين بين ذنب قد فعله لا يدري ما الله يصنع فيه وبين اجل قد بقي لا يدري ما ق يصيب فيه من المهالك .. ولكنه ف وسط ذلكم يتقلب باليقين فالحزن فهو على يقين تام باان الله سيستره فيما سلف وسيعصمه فيما بقي

العلاقه هنا مع الله والحزن واليقين مع الله وفي الله

ولكن اريد ان اقول ان اليقين قد يكون عاما .. فحال المؤمن الحق في اى محنه او كرب سواء في الديين او الحياه لابد له من ان يتقلب باليقين في الحزن .. وان الله عز وجل سوف يساعده ويقف بجانبه ويمده بالصبر والثبات .. وإدراك ان الحياه ماهي الا وهم ولا تستحق ان نعبأ بها فلو علم الانسان مكان الدنيا الصحيح تحت قدميه لطمئن واستراح وعلم ان مابه من ألم ومعاناه ماهي الا تجربه توشك ان تنتهي

يقول الاماما الدنيا مطيتك ان ركبتها حملتك وان ركبتك قتلتك

وحال المؤمن المتيقن الثابت القابع بنور الله .. يكون ي معيه الله عز وجل فان كان بينك وبينه عداوه فان الله سبحانه وتعالى لن يسلمه اليك ولن يخلي بينك وبينه لانه مع الله فيحميه ويسدد خطاه ويرشده للصلاح ويهديه فحاله كحال من قال " كلا ن معي ربي سيهدين " صدق الله العظيم

ولما كان المغزى الجوهري للتصوف هو اصلاح عيوب النفس فان البصري يقول لما انشغل الانسان بإصلاح عيب هو فيك لن تلبث الا وتجد عيبا اخر فتصلحه ومن ثم عيبا اخر وهكذا فإنشغلت بخاصه نفسك واحب العباد الى الله من كان كذلك " فإذا هو كذلك فاصبح نقي النفس صفي القلب سليم النيه وصل الى الخلاص ثم يينطلق بعدها ليبشر بالرساله السماويه التى يحملها الإسلام

#

كتبتها دكتوره جيلان صالح