الاثنين، 24 يناير 2011

الإسلام الجهــادى

عندما يصرح الساسه بالغرب أنهم لا يعادون الاسلام وانهم ليسوا ضد الإسلام كدين فإنهم يكونوا صادقين بوجه من الوجوه .. اذ لا مانع عندهم أبدا من ان نصلي ونصوم ونحج ونقضي ليلنا ونهارنا في التعبد والتسبيح والإبتهال والدعاء ولا مانع من ان نقضي حياتنا كلها في التوكل ونوحد ربنا ونمجده ونهلل له ..فهم لا يعادون الإسلام الطقوسي اسلام الشعائر والعبادات ولا مانع عندهم في ان تكون لنا الآخره كلها فهذا امر لا يهمهم ولا يفكرون فيهم ..بل ربما شجعوا على التعبد والإعتزال وحالفوا مشا يخ الطرق الصوفيه ودافعوا عنهم .. فعدائتهم وحصومتهم هي للإسلام الآخر

الاسلام الذي ينازعهم السلطه في توجيه العالم وبنائه على مثاليات وقيم اخري في التعامل ..الإسلام الذى ينازعهم الدنيا ويطلب لنفسه موقع قدم في حركه الحياه ..الإسلام الذى يريد ان يشق شارعا ثقافيا آخر ويرسي قيما أخري في التعامل ونماذج من الفن والفكر ..الإسلام الذي يريد ان ينهض بالعلم والإختراع والتكنولوجيا من اجل غايات اخري غير الغزو والتسلط والعدوان

انه الإسلام السياسي ..

الإسلام الذي يتجاوز الإصلاح الفردي الى الاصلاح الجماعى والحضاري والتعمير الكوني

هنا لا مساومه ولا هامش سماح بل هي حرب ضروس ..هنا سوف يطلق عليك الكل الرصاص بل ريما يأتيك الرصاص من قوي سياسيه داخل بلدك الإسلامي ذاته .. ولن يصبح للإسلام السياسي غلبه ولا صوت الا اذا انهار المعكسر الداخلى بالسوس الذي ينخر فيه بالداخل ...حينها سوف يفيق الكل ويكتشفون ان التكنولوجيا الهائله كانت مجرد بيت من الدمى واللعب المعدنيه والبلاستيكيه .. حينها سوف يدرك الكل ان الحضاره الغربيه كانت بلا روح وانها لم تكن تحمل بداخلها مقومات استمراريتها .. فالإسلام لدي الغرب نعم للعقيده .. لا للشريعه

الإسلام لدى الغرب نعم لتطبيق شرائع الله .. ولا لتدخل المسلمين بالسياسه ..

والمعركه مازالت دائره والرايه هذه المره هي الإسلام ..نكون او لا نكون ..فإن خروج الإسلام من الحياه وانحصاره في المسجد ثم يعقبه خروجه من المسجد ثم هزيمته الكامله ..

والحق الذي لا مراء فيه هو ان الإسلام لا يمكن ان يكون خصما للديمقراطيه .. فالديمقراطيه هي

" فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر "

" انما انت مذكر لست عليهم بمسيطر"

" ماانت عليهم بجبار"

هذه هي الديمقراطيه ونحن حمله لوائها ..ولو نص الإسلام على نظريه للحكم لسجنتنا هذه النظريه كما سجنت الشيوعيين ماركسيتهم فماتوا بموتها ..فالأفضل ان يكون هناك توصيات عامه ومبادئ عامه واطار عامه للحكم الأمثل

كالعداله الإجتماعيه ..الحريه .. الإمتثال للقانون .. ان يكون الحكم بالإنتخاب .. الشوري ..الخ

اما عن التفاصيل وكيفيه تطبيق هذه المبادئ فهذا امر سوف يخضع لمتغيرات التاريخ وإجتهاد الناس عبر العصور ليأتى كل زمان بالشكل السياسي الذى يلائمه ..

وبداخل الإجتهاد السياسي سوف تجد مردودا لا بأس به تأخذ منه وترد من ايام محمد عبده والافغانى ورشيد رضا والطهطاوي والكواكبي الى زمان مالك بن نبي وحسن البنا والمهدي بن عبود الى زمان الإمام الغزالى والشيخ الشعراوي ويس رشدي الى الدكتور محمد عماره وكمال ابو المجد ..

والكلام الأخر السخيف الذى يرفض الدوله الإسلاميه لانها دوله دينيه لم يفهم كلمه عمر بن الخطاب وابي بكر الصدق عندما قالا " ان أسأت فقوموني وإن احسنت فأعينوني "

لا عصمه لحاكم إذا ولا حكم إلهى في الإسلام .. انما هو حكم مدنى ديمقراطي يخطئ صاحبه ويرجح .. ونحن الآن في حاجه الى كتيبه تجدد الدين وتقاتل خصومه بأسلحه العصر لا بأسلحه القرن الأول الهجري ..

والجدير بالذكر ان الكثير عندما يقرأ هذا الكلام او يصل اليه المفهوم الذى اود ان اوصله للجميع وهو اننا لسنا في حاجه الى نظريات جديده تضع لنا المبادئ العامه للحكم ..فنحن عندنا الدستور الإسلامي بمبادئه الساميه الإلاهيه بل بحاجه الى إجتهاد سياسي نظيف يحفظ الدين ويقوم بسياسه الدنيا .. الكلام يبدو سهلا بالتأكيد ولكن تبقي قضيه الإسلام السياسي او الجهادي إشكاليه يكثر فيها الجدل ويتضح ذلك اذا بحثنا في الفكر السياسي الإسلامي الان واقصد في الفكر المعاصر سوف نجد الكثير من الأفكار تتنوع وتتباين من حيث الطرح ولكنها تصب في معين واحد وهو التمركز حول الدين كسبيل للتقدم السياسي .. فالحكم بمعني الخلافه هو الشاغل الأساسي للساسه المفكرين المنتمين للإسلام ومن ثم جاء الحديث حول اساليب الحكم ونظمه في ضوء نظره دينيه للمسأله السياسيه .. ولم يتم الإجماع حول تقديم حل لهذه المشكله ويشمل ذلك بالطبع النواحي التنفيذيه والتشريعيه .. فبينما أكد الطهطاوي على اللامركزيه في الحكم السياسي والإداري في الدوله العثمانيه ..نجد الافغاني يؤكد على الخلافه شرط تعريبها .. في حين ركز محمد عبده على الإستقلال القومي والوطنى بعيدا عن اى سلطه دينيه اما الكواكبي اعاد فكره الخلافه الاسلاميه مطالبا ان تكون عربيه اما رشيد رضا نادى بالخلافه المطلقه كشرط اساسي للتقدم وبين المركزيه واللامركزيه تبقي القضيه موضع حساس للنقاش والتوصل لرؤيه واضحه للحكم او الخلافه ..

ويمكننا ان نعرض افكار الطهطاوي كسبيل ودعوة لعدم غض النظر عن أفكاره التى ان عرفناها جيدا توصلنا ربما لحل جذري لهذه المشكله ..

رفاعه رافع الطهطاوي

كان الإتصال بالغرب في العالم الإسلامي سريع ومتواصل ففي عام 1833 بعث ابراهيم باشا الى السلطان محمود الثاني رساله يخبره فيها " ان محاوله النهضه لا تبدأ بتزويد الشعب بالملابس الضيقه والبنطلونات وكان الأولى بالباب الاعلي ان يهتم بتنوير الأذهان اولا "

وفي عام 1866 جاءت مجموعه من الاترك تنادي بتطوير قوانين الإمبراطوريه العثمانيه على النمط الاوروبي وفي مصر صعد الى الحكم اسماعيل باشا ابن ابراهيم باشا ذو الثقافه الفرنسيه وفي تونس ظهرت مجموعه من المصلحين وعلى رأسهم خير الدين التونسي وفي سوريا ولبنان لعب المسيحين الشوام دورا هاما في نقل الثقافه الفرنسيه الى الشرق الاوسط عن طريق الترجمه والصحافه فهم اول من نقل الصحافه الحديثه الى العالم العربي

وبدأت دعاوي الإصلاح تظهر وتناقش موضوعات واسئله هامه

مثل هل يجب الإقتصار على مبادئ الشريعه الإسلاميه ام يجب الاستفاده من الغرب وتجاربهم ؟ وهل الدين الحنيف يعارض الحضاره الغربيه

ومثل هذه الاسئله التى حاول كتاب النهضه في العالم العربي والإسلامي الإجابه عليها ..فمثلا ظهر في الدوله العثمانيه في ذلك الوقت كتاب مثل صادق رفعت باشا وضياء باشا ونامق كمال تنادي بالإنفتاح على الغرب مع الغحتفاظ بالقيم والتعاليم الإسلاميه وفي الحكم كانوا يطالبون بالديمقراطيه التى تأخذ بالنظام البرلمانى الحديث كإسلوب متطور لنظام الشوري بالإسلام .. وفي مصر كانت هناك مجموعه من المصلحين الذين نادوا ايضا بالإنفتاح على الغرب مع الإحتفاظ بالقيم والتعاليم الإسلاميه .. وعلى رأسهم رفاعه الطهطاوي ..

ولد الطهطاوي في نفس السنه التى غادر فيها الفرنسيون مصر ..من اسره فقيره ..التحق بالأزهر وكان تاثير الشيخ العطار عليه كبيرا فقد كان الشيخ على اتصال بعلماء الحمله الفرنسيه الذين اتوا مصر مع نابليون .. وعندما طلب محمد على باشا من العطار تعين إمام لكى يرافق البعثه التعليميه مده إقامتهم في فرنسا كان الطهطاوى هو الإام الذى اختاره الشيخ ..وبالرغم من ان الطهطاوي رافق البعثه كإمام الا ان السنوات الخمس التى قضاها هناك كانت اهم سنوات قضاها بحياته كلها ..فقد إستطاع رغم خلفيته الأزهريه ان يستوعب الفكر التنويري الأوروبي عند الإصتدام به وان يتفاع معه تفاعلا خلاقا يتماشي مع النهضه التنمويه التحديثيه التى كان يقودها محمد على .. فقد قام بدراسه اللغه الفرنسيه واتقنها إتقانا تاما في ثلاث سنوات وكان يستعين بمدرس خصوص على نفقته الخاصه وقام بقراءه وترجمه كتب في الفلسفه اليونانيه والأدب الفرنسي والشعر لراستين وكتب في الميثولوجيا والأخلاق والرياضه والقانون والفنون العسكريه ..

ولقد تركت الثوره الفرنسيه رواسب عميقه داخل نفسه بالرغم من تعليمه الأزهري السابق الا انه كان يعتقد ان المجتمع الصالح هو المجتمع المبنى على اسس العداله وان الهدف من الحكومات هو رعايه مصالح المحكومين وان الشعب لابد له من المشاركه في الحكم لذلك يجب اعداد افراد الشعب لهذا الغرض .. وكان يري ان القانون يجب ان يكون ديناميكيا متغيرا يتغير بتغير الظروف وان الحكام الصالحين في وقت ما ليسوا بالضروره صالحين في كل وقت وان حب الوطن هو اساس كل الأخلاق السياسيه ..

واثناء إقامته اتصل رفاعه بعلماء الحمله الفرنسيه وكانت حضاره مصر القديمه تملك عليه وجدانه وكان هذا يدل على فهم الطهطاوي العميق والمبكر لقضيه الأصاله والمعاصره وفهمه العميق لمعنى الكلمات التى خاطبه بها احد علماء الحمله الفرنسيه جومار انكم منتدبون لتجديد وطنكم الذى سوف يكون سببا في تمدين الشرق بأسره امامكم مناهل العرفان فإغترفوا منها بكلتا يديكم "

وعندما عاد الطهطاوي الى مصر نشر ملاحظاته في كتابه تخليص الإبريز في تلخيص بايز " وبه ملاحظات الطهطاوى عن الشعب الفرنسي كيف انهم محبون للنظافه وتعليم الأولاد وبهم شغف للمعغرفه والاطلاع وفي حياتهم اليوميه يثقون ببعضهم البعض ونادرا ما يخدع احدهم الأخر .. ويعتبر هذا الكتاب من اهم الكتب في ذلك الوقت فهو بحق اول نافذه يطل منها العالم العربي على الحضاره الاوروبيه والبيان الاول للبرجوازيه الناشئه ..كما انه اول كتاب يصف الفكر الليبرالي من ناحيته التطبيقيه والتنفيذيه

والى جانب عرضه لنظم الحكم الدستوريه واهم فصل بهذا الكتاب هو ترجمته للدستور الفرنسي دستور عام 1814 وبيان وثيقه حقوق الإنسان ..

ولقد كانت تراجم المشاهير بأمر من محمد علي فقد كان يحبهم ويحب معرفه سيرهم ويحاول تقليدهم .. اما اعمال فولتير وروسو ومونتيسكو وكوندياك وغيرهم فقد كانت لحاجه في نفس الطهطاوي

وبوفاه محمد على .. استهل عباس حكمه بتصفيه المدارس واغلاق المصانع وشرد عمالها واوقف العمل في القناطر الخيريه وجاهر بإحتقار الثقافه الغربيه وشرد اتباعها وعلى رأسهم رفاعه الطهطاوي

وبمجئ سعيد عاد الطهطاوى الى مكانته السابقه وبعهد اسماعيل إزداد نفوذ الطهطاوى حتى سمح له الإشتراك في وضع السياسه التعليميه في مصر ..

وفي اواخر حياته الف قائمه من الكتب وامضي فتره في تأليف كتاب عن تاريخ مصر والتعليم .. وكانت نظرياته في التعليم م تخرج عن اطار التعليم الإسلاميه فقد كانت أحاديث الصحابه في الكثير من كتبه .. ولكنه نظر اليها نظره مختلفه واعطاها معني جديد وعميق ذلك لان الحكومات في ذلك الوقت كانت حكومات اوتوقراطيه ومن الصعب تحويلها الى حكومات ليبراليه دفعه واحده ولذالك كان ينادي بالإصلاح التدريجي في نظام الحكم ..فالحاكم يجب ان تكون سلطاته مقيده بالقانون .. والحكومه يجب ان تكون مسؤله اما ممثلي الشعب

اما في مجال الشريعه فهو اول من اشار بفتح باب الإجتهاد السياسي وكان من رأيه انه لا تعارض بين الشريعه وبين القوانين الوضعيه ..اى انه يمكن تفسير الشريعه في ضوء متطلبات العصر ..واذا اراد رجال الدين تفسير الشريعه في ضوء العصر فعليهم ان يكونوا على درايه وفهم عميق لما يدور من حولهم ..

والعامه يجب تدريبهم على فهم حقوقهم السياسيه .. والحكام يجب ان تخاف الرعيه .. والعلاقه بين الحاكم والمحكوم يجب ان تكون علاقه حقوق وواجبات

فواجبات الفرد الإمتثال للقانون .. رعويه الدوله التى ينتمون اليها ..المواطنه وحب الوطن ..

وحقوقهم اطلاق الحريات .. فالحريه هي اساس المواطنه عند الطهطاوي والاهم هو حب الوطن فهو اساس بناء كل المجتماعات وهذا بالتأكيد ما وجده بفرنسا ..

تزيل ...

تكمن قيمه مايبدعه المفكرين في انهم يرون دائما مالايراه الإنسان العادي ..فهم عندما يتاملون ما حولهم ينظرون اليه نظره مختلفه وعميقه والأهم انها متميزه ومثمره ..

قد تبدا القصه بحلم مثلما بداها افلاطون في كتابه الجمهوريه ..او بتخيل مثلما فعلها رولز عن نظريته حجاب الجهاله اوبتمرد مثلما حققها ميكافيلي في كتابه الأمير ..او ربما بدهشه مثلما فعلها الططاوي في كتابه تخليص الابريز في تلخيص باريز

ومهما كانت الدوافع التى دفعت عقلهم ليسطر الإبداع بكل قوته الا ان الدافع الأول والشراره الأولى تكمن دائما بقلب الدهشه التى جعلتهم يخرجون عن القطيع فثار ضدهم الجميع ..نعتهم البعض بالمجانين واطلق عليهم الأخرون لقب ملحدين .. والصقوا التهمه بهم متمثلين في دور رجل اعمي لا يري ولا يبصر

قد تخرج افكارهم للنور لتغير فكره او تهدم حضاره متهالكه لتشيد صرح حضاره اخري ..قد تغوص تأملاتهم في اعماق النفس البشريه لتستخرج نظريات تقلب العلم رأسا على عقب ..

قد تتصادم افكارهم مع جميع السلطات ..قد تحرق مؤلفاتهم ..قد تسلب ارواحهم ..وقد يقضون بقيه حياتهم ببرد المنفي لينعموا بالسلام وسط افكار اقرانهم ..لكنهم دائما وأبدا سيظلون عظماء لم تنجب البشريه مثلهم

قصتنا بدات وإنتهت من دهشه مصلح عظيم ॥ وسياسي مرن .. ومفكر رائع .. كان ومازال دفعه قويه لكل المصلحين في عصره وفي كافه العصور حتى الأن .. آمن بحب الوطن كدافع اساسي لنهضه اى مجتمع وقيام أى حضاره .. بدأ بنشر افكاره عندما تصادم بخلفيته الأزهريه مع الحضاره الاوروبيه والفكر التنويري الغربي ..لم يكن الغرب بالنسبه له جانب معتم فقط بل كان ايضا له جانب المشرق الذى وظفه الطهطاوى بكل مرونه بداخل قالب اسلامي مراعيا حكومته الاوتوقراطيه وانها لن تتحول جذريا وبسرعه لحكومه حره او كما سماها ليبراليه ولذلك عمل على التدرج في نظام الحكم .. نادى بالكثير من الأفكار الليبراليه ولكن بمنظور اسلامي بحت حتى لا ينفر منها الجميع .. ولا يلقي حتفه بواسطه محمد علي الديكتاتور ف ذلك الوقت .. وبالرغم من ان القضيه التى نحن بصددها الآن حتما حساسه للغايه .. الا ان محاوله الطهطاوى واجتهاده العظيم لإصلاح وطنه مصر سياسيا وإداريا ساعدت الكثير ممن يبحثون عن نظريات سياسيه معتدله ومصلحه بداخل مجلد الإجتهاد السياسي الضخم الذى يكثر فيه الى الآن الجدل ..

كتبتها دكتوره جيلان صالح

الاثنين، 27 ديسمبر 2010

Islamic Sufism



التصـــوف الإسلامي

منـــهج حـيــاه مـتكامل

يعد التصوف الإسلامي من ابرز تجليات الحضاره الاسلاميه عبر التاريخ فهو جزأ لا يتجزأ منها ..فقد قدم لها العديد من الشخصيات والأعمال على شتي المستويات الحضاريه من فكر وفن وشعر .. وهو حركه روحيه واسعه على امتداد القرون ولذلك لا يمكن دراسه هذه الحضاره الاسلاميه مع تهميش الحركه الصوفيه فيها فهذه الحركه نشات كجزأ لا يتجزأ من الحضاره الاسلاميه الأم .. والحقيقه ان التصوف حركه ثقافيه بلاشك وهو في نفس الوقت حياه وجدانيه وقيم معنويه وتجربه روحيه وانسانيه عميقه ..

وهو كما سماها دكتور محمد مصطفي حلمى " الحياه الروحيه في الدنيا والأخره فهو ف أخر الامر يمثل انتصار الروح لى الحرف اذ ان الروح تحي والحرف يميت "

والصوفي هو ذلك الإنسان الذى توجه بذاته كلها نحو الحقيقه المطلقه فأحبه اشد الحب وأحب فيه وله ولحبه الفائق كل الخلائق فأصبح هو الانسان الحر الحي لانه حقق غايه حياته البشريه وهي الالتقاء مع رفيقه الاعلي وحبيبه الأسمي وهو الله متوجها اليه عبر سلوك شاق من مختلف المقامات والاحوال الروحيه

وأنا ارى اننا الان في اشد الحاجه لمثل هذا النوع من العلوم والدراسات بعد ان صرفنا وقتنا كله وكرسنا حياتنا بأكملها لخدمه الدنيا واهتممنا بالظاهر واهملنا وببراعه النظر الى البواطن التى هى الأصل والجوهر في النفس وتخلفنا فلم نحقق لا غنجازا ذاتيا ولا اجتماعيا ولا تقدما ماديا او روحيا .. واعتقد ان هذه الماده كفيله بان تعطينا ولو دفعه بسيطه للإهتمام بما في داخلنا وإصلاحه

او كما يقول دكتور عبد الرحمن بدوي

"آن لنا الان ان ننفذ الى صميم الحياه الروحيه في الاسلام متمثله في اولئك الذين اشاعوا سوره التوتر الحي مغرضين على الظاهر الساذج المستقيم الى الباطن الشائك الزاخر بالمتناقضات وهم في هذا كله لم يكونوا معبرين عن انفسهم الخصبه فحسب بل كانوا يتجسدون نوازع عامه يسري تيارها في الامه المؤمنه كلها "

** تعريف التصوف

من الصعب ان نقف على تعريف يجمع كل الأطراف حول الزهد .. خاصه وان الزهد مبدأ تتنازعه اطراف الصحابه والزهاد من التابعين والمتصوفه وحتى الفلاسفه المسلمون منهم والكفار .. ولن نحاول قصر التعريف على الجانب الروحانى فقط او التقشف دون سواه مع العلم ان التصوف تجربه روحيه وةانسانيه عميقه ولكن التصوف كما عرفه احد الصحابه هو احد سبل اقامه حق العبوديه لله عز وجل بهجر الشهوات والمعاصي والتورع عن الحرمات وترك كثيرا من المباح طمعا فيما عند الله

فإن نعيم الدنيا سرعان مايزول ونعيم الاخره باق لا يفني وقد يكون الزهد مع الغني وقد يكون مع الفقر لانه منهج حياه متكامل وطريقه لفهم الكون عن طريق التقلل من الشهوات والسير الحثيث صعدا الى الأخره

وهكذا ندرك ان الزهد عمل قلبي ارتضاه صاحبه فترجمه لنا قولا حكيما سليما ثم فعلا ينطق بأفضليه سالك طريق الزهد وهكذا كان الصحابه والتابعين زهادا وعبادا صادقين طمعوا فيما عند الله وزهدوا فيما عند الناس فكانوا هم القدوة والاسوه الصادقه

ولقد عبر شيخ الإسلام بن تيميه عن هذا المنهج حين رأه المنهج المتكامل لكل مسلم سلفي

فقال " من بني الإراده والعمل والسماع المتعلق بإصول الاعمال وفروعها من الاحوال القبليه والاعمال البدنيه على الايمان والسنه والهدي المحمدي فقد اصاب طريق النبوه "

** أصل كلمه التصوف

كثرت الأقوال حول اشتقاق كلمه التصوف ولكن اشهرها هو

.. انه من الصوفه .. فكأنه كالصوفه المطروحه لإستسلامه لأوامر الله عز وجل

.. انه من الصفه .. اذ ان التصوف و اتصاف المسلم بمكارم الاخلاق والافعال المحموده وترك المذموم منها

..انه من الصفه لان صاحبه يتبع اهل الصفه الذين هم الرعيل الاول للتصوف وهم مجموعه من الفقراء والمساكين كانوا يسكنون المسجد النبوي وكان الرسول يعطيهم من الزكاه والصدقات طعامهم ولباسهم ..

..انه من الصفاء .. لان المتصوف لابد ان يكون صفي القلب نقي النفس صادق النيه

..انه من الصوف لان المتصوفه كانوا يؤثرون لبس الصوف للتقشف والإخشيشان فسموا بالمتصوفه إنتسابا للبسه الصوف دون سواه

.. انه من الصف ..فكأنهم في الصف الاول عند الله عز وجل وتسابقهم لفعل الخيرات ونيل الطاعات

.. بينما ارجع البعض اسم التصوف الى رجل عابد ف الجاهليه كان يلقب بصوفه واسمه الغوث بن مره كان ملازما للبيت الحرام زاهدا عابدا ومن تشبه به كان يسمى صوفي .. ومنهم نشأت طبقه المحتنفين ومنهم ورقه بن نوفل .. اما المستشرقين فارجعوا التصوف الى كلمه صوفيا وتعني الحكمه وعندما فلسفت العرب عبادتهم حرفوا الكلمه واصبحت صوفي ومعناها الحياه الروحيه

..

**

التصوف عند الصحابه هو احد سبل اقامه حق العبوديه لله عز وجل

التصوف عند الامام الجنيد استعمال كل خلق سني وترك كل خلق دني

التصوف عند دكتور عبد الرحمن بدوي هو الحياه الروحيه في الاسلام

التصوف عند دكتور محمد مصطفي حلمى هو الحياه الروحيه في الدنيا والأخره

التصوف عند دكتوره جيلان صالح

هو الرقي الروحي عن الحياه بكل مافيها من مغريات وشهوات والصعود بالذات النورانيه الى الإيمان الملائكي في الملكوت الربانى
==

نماذج من تاريخ التصوف

الخوف عند البصري

المحبه عند ابن ادهم

التوبه عند القشيري

الخوف عند اللجائي

العزله عند الخركوشي

الصدق عند البلخي

العلم اللدنى عند الغزالى

الظاهر والباطن عند ابن خلدون

==

** الحسن البصري

هو ابو سعيد بن ابي الحسن المعروف بالحسن البصري ولد بالمدينه المنوره سنه 21 هجريه وكانت امه مولاه ام سلمه زوجه النبي صلي الله عليه وسلم

يعتبر مثالا واضحا للحياه الروحيه التى كان يحياها الزاهد العابد في القرنين الاول والثاني الهجري

توصل الى تصفيه القلب عن طريق التأمل والتفكر فقد كانت حياته عباره عن تأمل وتفكر وزهد وتقشف ..كان خائفا من الله لأبعد حد لدرجه انه اعد الخوف هو زاد التصوف

وصفه ابو نعيم الاصفهاني حليف الخوف والحزن اليف الهم والشجن

يقول عنه عبد الرحمن بن الجوزي مارأيت حزنا اطول من حزن الحسن ومارأيته الا حسبته حديث عهد بمصيبه ولو رأيت الحسن لقلت قد بث عليه حزن الخلائق لطول تلك الدمعه ..ما رأيت اخوف من الحسن وعمر بن عبد العزيز كان النار لم تخلق الا لهما "

==

الخوف عند الإمام الحسن البصري

هناك اشياء يحسبها البعض انها عاديه لا تحمل في جوفها اى قيمه ..لكنها عند الباقي ذات قيمه عاليه ومعنى جوهري عظيم .. هؤلاء الذين يدركون مدي اهميتها ومغزاها قليلون لانهم ينظرون اليها نظره مختلفه وعميقه متشبعه بالنور الإلهى ..هم الصفوه الذين اصطفاهم الله عز وجل لمعرفه ايات محدده حرم منها البعض فسجلوا لنا تجربتهم الروحيه مع الله وكيف وصلوا الى تلك المرحله

من هذه الاشياء التى قد يراها البعض مجرد عوامل مساعده لإشباع حاجاتهم الماديه الجوع الخوف الرجاء الحب العزله الحزن وحتى المعاناه

كل هذه الاشياء ينظر اليها الكثيرون م على السطح لكن كل منها تحمل في داخلها عوامل ودوافع كثيره للإستزاده منها

عندما يشعر اى انسان بالجوع قد يركز كل تفكيره على كيفيه اشباع رغبته الملحه في إيجاد طعام ولكن الجوع عند الإمام البصري معاناه حقيقيه واحساس بمعاناه الاخرين الذين لا يملكون القدره على ايجاد طعام او الحصول عليه .. انه في الحقيقه تجربه حقيقيه وليس فقط رغبه الأنا في سد حاجه الهو

يقول الإمام ادمى الجوع وشعاري الخوف ولباسي الصوف ودابتى رجلى وسراجى بالليل القمر وصلابتى في الشتاء الشمس وفاكهتى وريحانى ماانبتت الارض للسباع والانعام ..

هذا الكلام لا ينبغي الوقوف على ظاهره لانه يحمل في باطنه كثير من الحقائق والتجارب التى قد يكون مر بها البعض لكنه عجز عن التعبير عنها

عندما يصرح الإمام بأن ادمه هو الجوع فهذا حقيقي

فنحن نجد العاشق يسلبه عشقه عن لذه الطعام والشراب بل وحتى النوم بل يحدث له من الطرب والسرور بما هو فيه من اللذات الروحيه ما يشغله عن الإلتفات بما فاته من اللذات الماديه وحينها تتوجه ذاته الى حب اللذات الروحيه وتتسلط عليه دواعي الشوق والسرور الى استكمال وصال هذه النفس المعشوقه بل والاتحاد بها

كذلك فغن الخوف والرجاء مقامان مهمان واساسيان ايضا من مقامات العشق الإلهى ..فإن من احب شيئا خاف انقطاعه ورجا ثبوته فإن من ذاق لذه القرب من الله عز وجل وشعر بمدي لذه ان يكون من احباب الله خاف من ان يقع في اى شئ او معصيه يصحبه انقطاع مثل تك الهبات ..

والزهد هنا في جمله الإمام البصري ليس زهدا ف الاشياء الروحيه بل ايضا في الاشياء الماديه التى هى مشترك عام بين المتصوف والرجل العادي فإن الانسان اذا عاش ع الضروري فالضروري م يشغل نفسه بتامين الغد واحوال المعيشه وكيفيه جمع المال واللللللخ عاش مطمئنا قنوعا لا تشغله المصائب ولا تحزنه فالعقل مارد اذا وجه الى الاشياء الروحيه كان نعمه واذا وجهه الى الاشياء الماديه كان نقمه

ويتضح ذلك من حديث الرسول من كان امنا في سربه عنده قوت يومه ..الخ الحديث

يقول الامام والله لئن تصحب اقواما يخوفونك حتى يدركك الامن خير لك من ان تصحب اقواما يؤمنونك حتى يلحقك ىالخوف

الأمر هنا مرتبط اكثر بوعاء الصحبه وتأثيرها على الخوف من الله عز وجل فمصاحبه اخوه صالحه في الله تدلنى وترشدنى الى مافيه الصلاح احب الي من ان اصاحب اخوه يجروننى الى المهالك فأصيب الامن ف الدنيا ويلحقنى الخوف بالأخره

ويتضح ذلك من حديث الرسول المرء على دين خليله فلينظر احخدكم من يخالل

والمؤمن الصادق هو ذلك الذى يمسي حزينا ويصبح حزينا على مافعله من الذنوب والمعاصي

يقول الامام ان المؤمن ليصبح حزينا ويمسي حزينه لانه بين امرين بين ذنب قد فعله لا يدري ما الله يصنع فيه وبين اجل قد بقي لا يدري ما ق يصيب فيه من المهالك .. ولكنه ف وسط ذلكم يتقلب باليقين فالحزن فهو على يقين تام باان الله سيستره فيما سلف وسيعصمه فيما بقي

العلاقه هنا مع الله والحزن واليقين مع الله وفي الله

ولكن اريد ان اقول ان اليقين قد يكون عاما .. فحال المؤمن الحق في اى محنه او كرب سواء في الديين او الحياه لابد له من ان يتقلب باليقين في الحزن .. وان الله عز وجل سوف يساعده ويقف بجانبه ويمده بالصبر والثبات .. وإدراك ان الحياه ماهي الا وهم ولا تستحق ان نعبأ بها فلو علم الانسان مكان الدنيا الصحيح تحت قدميه لطمئن واستراح وعلم ان مابه من ألم ومعاناه ماهي الا تجربه توشك ان تنتهي

يقول الاماما الدنيا مطيتك ان ركبتها حملتك وان ركبتك قتلتك

وحال المؤمن المتيقن الثابت القابع بنور الله .. يكون ي معيه الله عز وجل فان كان بينك وبينه عداوه فان الله سبحانه وتعالى لن يسلمه اليك ولن يخلي بينك وبينه لانه مع الله فيحميه ويسدد خطاه ويرشده للصلاح ويهديه فحاله كحال من قال " كلا ن معي ربي سيهدين " صدق الله العظيم

ولما كان المغزى الجوهري للتصوف هو اصلاح عيوب النفس فان البصري يقول لما انشغل الانسان بإصلاح عيب هو فيك لن تلبث الا وتجد عيبا اخر فتصلحه ومن ثم عيبا اخر وهكذا فإنشغلت بخاصه نفسك واحب العباد الى الله من كان كذلك " فإذا هو كذلك فاصبح نقي النفس صفي القلب سليم النيه وصل الى الخلاص ثم يينطلق بعدها ليبشر بالرساله السماويه التى يحملها الإسلام

#

كتبتها دكتوره جيلان صالح

الخميس، 7 أكتوبر 2010

دافيد هيوم


في لقاء خاص جدا بأعظم فيلسوف تجريبي .. دافيد هيوم
""«لقد كنت رجلاً دمث الطباع، مسيطراً على أعصابي، ذا مزاج منفتح اجتماعي ومرح، قادراً على المودة، قليل القابلية للعداوة، وعلى قدر كبير من الاعتدال في جميع عواطفي، وحتى حبي الكبير للشهرة وهي عاطفتي المتحكمة في، لم يعكر مزاجي أبداً، بصرف النظر عن كثرة ما واجهت من خيبة أمل» هيوم

السبت، 3 يوليو 2010


الثلاثاء، 29 يونيو 2010

فرناندو بيسوا

طبكيريه 1-3

( دكان التبغ )


ترجمة : المهدى أخريف


لا أساوى شيئاً

ولن أكون ابداً لا شئ .

لا أستطيع أن أرغب فى أن أكون لا شئ

عدا هذا , أملك كل أحلام العالم فى دخيلتى ..

نوافذ غرفتى ,

غرفة واحد من هؤلاء الملايين فى العالم

لا أحد يعرف من هو

( وحتى لو عُرف , ماذا سيُعرف عنه ؟ )

نوافذ مطلة على غوامض شارع يجتازه الناس باستمرار

تطل على شارع يصعب على الفكر ارتياده

واقعى , واقعى حتى الاستحالة , واضح بطريقة لا تخطر على البال

بغوامض الأشياء تحت الأحجار والكائنات

بغوامض الموت الذى يُخزّز الحيطان

ويزرع البياض فى شعور الرجال

بالمصير الذى يقود الكل فى عربة اللاشئ

أنا اليوم مهزوم كما لوكنت أعرف الحقيقة

صاح كما لو كنت على وشك الموت

لا أخوة مع الأشياء لدى أكثر من

أخوة وداع فيما هذا المنزل وذلك الجانب من الشارع

يغدوان صفاً من عربات قطار

صفارة ممتدة داخل جمجمتى

رجة فى أعصابى وطقطقة

فى عظامى لحظة الإقلاع

أنا اليوم مبلبل الخطر كمن فكّر فوجد ثم نسى كل شئ

أنا اليوم موزع بين انحيازى

للطبكيرية المقابلة كشئ واقعى من الخارج

وبين الإحساس بأن كل شئ هو مجرد حلم

بوصفه شيئاً واقعياً من الداخل

أخفقت فى كل شئ

ولما لم يكن عندى أى هدف من أى نوع فقد بات كل شئ

غير ذى قيمة لدى

ما لقنونى إياه

قذفت به من النافذة الخلفية .

لقد ذهبت إلى الحقول تحدونى غايات كبيرة

وجدت أشجاراً وأعشاباً فحسب

والناس الذين كانوا هناك كانوا مثل الآخرين .

أترك النافذة مفتوحة وأجلس على كرسى .. فيم ينبغى أن أفكر ؟

ماذا أستطيع أن أعرف عما سأكون أنا الذى لا أعرف من أكون ؟

أن أكون ما أفكر فيه ؟ أفكر أن أكون أشياء عديدة !

وهناك الكثيرون يفكرون أن يكونوا ذلك الشئ نفسه الذى لا يمكن للكثيرين أن يكونوه .

أعبقرى أنا ؟ فى هذه اللحظة ثمة

مئة ألف دماغ تؤمن مثلى بأحلام عبقرية

ومن يدرى هل سيحفظ التاريخ حلماً واحداً منها

وهل سيبقى غير الزبل للعديد من الغزوات المستقبلية

كلا .. لا أومن بنفسى

فى كثير من المارستانات يوجد مجانين كثيرون ذوو يقينيات كثيرة

وأنا الذى لا أملك أيا منها . أأكثر تأكداً من الأشياء أم أقل ؟

كلا , لا أومن بنفسى

أليس ثمت فى كثير من غرف السطوح وغيرها

نبغاء لأنفسهم فى هذه الساعة يحلمون ؟

كم من تطلعات رفيعة ونبيلة وصاحية

- إن كانت حقاً رفيعة ونبيلة وصاحية -

ربما قابلة للتحقيق

لن ترى أبداً نور الشمس الفعلية ولن تصل إلى آذان الناس ؟

العالم مخلوق لمن ولدوا كى يمتلكوه

لا لمن يحلم بأنه قادر على امتلاكه ,

ولو كان على صواب

لقد حلمت بأكثر مما حلم به نابليون نفسه

ضممت إلى صدرى المفترض إنسانيات

أكثر مما ضم المسيح

شيدت فى السر فلسفات أكثر من كل ما كتب أى كانط .

لكن كنت وسأكون دائماً مجرد ساكن غرفة فى سطح

ولو لم أعش فيها ..

سأبقى دائماً من لم يُخلق لذلك

سأبقى دائماً ذلك الذى امتلك بعض المزايا

سأكون دائما ذلك الذى توقع أن يفتحوا له باباً فى جدار بلا باب

والذى غنى ترنيمة اللانهائى فى خُم الدجاج

الذى سمع صوت الله فى بئر مغلقة .

الأربعاء، 2 يونيو 2010

رينيه ديكارت ..فيلسوف الشك الأول








==
عندما قال فرانسيس بيكون مقولته المعروفه " إذا بدأ الإنسان من المؤكدات لإنتهي الى الشك ولكن اذا بدا من الشك لإنتهي الى المؤكدات "
ربما يبدو للجميع من الوهله الاولى ان ديكارت هو الأحق وعن جداره للحديث عن الشك ؛ خاصه بعد ان توصل الى إثبات وجود نفسه عن طريق شكه في كل شئ من حوله !!
الحديث عن مزايا فلسفه ديكارت قد يبدو سهلا ولكن من الصعب حصرها في بعض سطور او وريقات من الحجم الكبير .. ولكن ما نراه ملموسا في نسقه الفلسفي وخاصه الاخلاقي هو إقترابه الشديد من فهم الرجل العادي - ان جاز مثل هذا اللفظ - فاثبت وبكل ثقه خطأ النظريه التى تقول اان الفيلسوف رجل يسكن برجه العاجي ليتامل كل شئ من حوله بعدسه مكبره ..
منذ ان اطل ديكارت على التاريخ وهو يملأ الدنيا ويشغل الناس فإختلف فيه اصحاب الفكر ورجال الفلسفه .. فمنهم من عاب على أفكاره ونعتها بالرجعيه ومنهم من رأوا فيه نصيرا وفيا للكاثوليكيه .. فيما نظر اليه البعض على انه هادم التقاليد وزعيم المجددين .. بينمت حوله الآخرون الى عالم مبشر بالفلسفه الوضعيه قبل الآوان ..
مهما يكن الرأى في فلسفه ديكارت فإن اهل الفكر ورجال الفلسفه في الغرب يكاد يتفقوا على ان ديكارت هو أكبر فرسان الفلسفه الغربيه ليس فقط في فرنسا بل عدوة إماما للفلسفه الغربيه على الإطلاق ورائد للحركه العقلانيه في كل من اوروبا في العصر الحديث .. ذلك لان ديكارت هو من وضع اسس الصرح العقلاني وارسي قواعده عندما قال
" الا اقبل اى شئ على الإطلاق على انه حق مالم يتبين لي ببداهه العقل انه كذلك "
فمن هو ريني ديكارت .. فيلسوف العقل الاول
يعد ديكارت فيلسوف فرنسي وعالم رياضيات .. مسيحي الديانه ..عقلاني المذهب .. اطلق عليه لقب مؤسس الفلسفه الحديثه .. ترك بصمته في مجال الرياضيات فقد سمح النظام الإحداثي الديكارتى بالتعبير عن الأشكال الهندسيه في صوره معادلات جبريه .. هذا ويعتبر ديكارت الأب الروحي للهندسه التحليله .. وكان ديكارت واحد من أهم الشخصيات الرئيسيه التى تركت اكبر أثر في تاريخ الثوره العلميه .. كما يعد من ابرز الشخصيات التى نادت بالمذهب العقلاني في القاره الاوروبيه في القرن السابع عشر وهو المذهب الذى أيده بعد ذلك باروخ اسبينوزا ولابينز..
تعتبر اشهر مقولات ديكارت هي انا افكر اذن انا موجود .. cogito ergo sum
كذلك يعتبر ديكارت اول مفكر في العصر الحديث يقوم بإعداد إطار فلسفي للعلوم المعروفه باسم العلوم الطبيعيه التى كانت قد بدأت في التطور في ذلك الوقت وفي كتابه مقال عن المنهج حاول ديكارت التوصل الى مجموعه من المبادئ التى يتسطيع الإنسان التحقق من صدقها دون ادنى شك وكي يتمكن من تحقيق ذلك طبق ديكارت قواعد المنهج "الشك المنهجي " وهو منهج يرفض اى افكار مشكوك فيها ثم يعيد إثباتها وترسيخها للوصول الى مبادئ اسايه للحقيقه ..
في البدء توصل ديكارت الى ان الفكر موجود ولا يمكن فصل الفكر عني ومن ثم فاانا ايضا موجود وهذا هو الرأى الذى عرضه في كتابه مقال عن امنهج ومبادئ الفلسفه حيث عبر عن هذا المفهوم بمقولته المعروفه " انا اشك اذا انا افكر اذا انا موجود " فااذا كان يشك فلابد من وجود شئ ما او شخص ما تساوره هذه الشكوك وهكذا فان حقيقه الشك في حد ذاتها كانت إثباتا لوجوده !!
ولكن ما الإطار الذى تتم فيه هذه العمليه " التفكير " فهو يدرك جسده عن طريق الحواس التى سرعان ما بدأ الشك فيها ولكن الحقيقه الوحيده التى يعرفها هو انه كائن مفكر وهي الحقيقه الوحيده التى لا يستطيع ان يشك فيها .. وعرف ديكارت التفكير على انه ما يحدث بداخلى فأشعر به على الفر لدرجه تجعلنى أدركه ..
ولتوضيح القيود المفروضه على الحواس ولما شك فيها ديكارت قدم لنا برهان الشمع
فيقول ان الحواس اخبرتني ان لقطعه الشمع هذه خصائص من حيث الشكل والملمس والحجم واللون والرائحه وما الى ذلك .. وعندما قام ديكارت بتعريش قطعه الشمع هذه الى اللهب تغيرت هذه الخواص تمام ولذلك انتهي ديكارت الى مجموعه من القواعد العقليه المنهيجه ينبغي ان يتبعها الإنسان للوصول الى الحقيقه ..
قاعده البداهه والوضوح ... قاعده التحليل ... قاعده التركيب .. قاعده الإحصاء والمراجعه
1- الا اسلم باى شئ على الإطلاق على انه حق مالم يتبين لي ببداهه العقل انه كذلك بمعني ان اتجنب التشبث بااى آراء سابقه وان اتجنب التعجل في اصدار الحكم
2- ان اقسك كل من الصعوبات والمشاكل الى تعترض طريقي الى أجزاء بسيطه وبقدر ما تدعو الحاجه الى تقسيمها لحلها بأفضل طريقه ممكنه
3- ان اواصل تاملاتى وفق نظام محكم مبتدئا بأبسط الموضوعات وأسهلها فهما لكى ارتقي تدريجيا الى اكثرها تعقيدا وان افرض نظاما بين الامور التى لا يسبق بعضها البعض بالتأكيد
4- ان اعمل من الإحصاءات والمراجعات ما يجعلنى على ثقه ويقين من انى لم اغفل اى جزء من المشكله المعروضه للبحث
هذه هي المبادئ التى يجب ان يتبعها لكى نصل الى الحقيقه
==
اهميه الشك في فلسفه ديكارت
كان ديكارت يعتقد ان الفلسفه التى اعتبرها الإعتقاد بالله والطبيعه والإنسان يجب ان لا تقوم على الإيمان بل على اساس الفكر .. معتبرا التفكير هو أنسب السبل لمعرفه الحقيقه .. تماما كما ان الخط المستقيم هو اقصر مسافه بين نقطتين
واسباب الشك لديه هو انه تلقي العديد من الأشياء التى كان يعتقد في صحتها ولكن اثبتت التجربه بطلانها .. ومن هذا المنطلق شكك ديكارت في الحواس واستبعد شهادتها ثم انتقل الى العقل فشكك في قدرته هو ايضا فقال اننا نري في النوم اشياء وامورا نعتقد انها صحيحه تماما ونحس لها ثباتا ثم نستيقظ لندرك ان كل هذا ما هو الا حلم فما يدرينى لعل هذه الحياه هي حلم لم نستيقظ منه بعد .. كما ان الناس يخطئون في ابسط مبادئ الإستدلال وعمليات الحساب العاديه وتخيل ان هناك شيطان ماكر يعبث برأسه فيريه الحق باطل والباطل حق ..لذلك شكك ديكارت ف كل شئ من حوله لكنه استثنى ثلاثه اشياء لم يطبق عليهم شكه المنهجى
1- ان يطيع قوانين بلاده ويحترم عاداته وتقاليده
2- ان يحافظ على الديانه والعقيده التى نشأ عليها
3- ان يتجنب الشك في سياسته ويتمسك بما صمم عليه وان يجتهد في كبح جماح شهواته
فيما عدا هذه الأشياء شكك ديكارت في كل شئ ..
ولكن كيف توصل ديكارت الى اليقين ف الجواهر الثلاثه نفسه.. الله .. العالم الخارجى ؟
كما ذكرنا ان ديكارت توصل لذاته عن طريق الفكر " عمليه التفكير " عندما قال انه يفكر ولا يمكن فصل الفكر عنه فاانا اذن موجود وهكذا تكون حقيقه الشك في حد ذاتها اثباتا لوجوده .. وهذا هو الرأى الذى عرضه في كتابه مبادئ الفلسفه وعن طريق اثباته لوجود نفسه اثبت الله وعن طريقهما معا توصل الى اثبات وجود العالم الخارجي
تتكمن عقريه ديكارت ف استدلاله على وجود الله في انه كان قريبا جدا من تفكير الرجل العادي .. تتلخص الالوهيه عند ديكارت ف ان كل من الشاك والمؤمن والكافر يقيم شكه او كفره او ايمانه على اساس رأى صادر من عقله ومادمت انا اشك فاانا افكر ومن ثم فاانا موجود فهذا معناه إما ان اكون انا من خلقت نفسي او خلقنى غيري
ولكن انا ملئ بالعيوب التى يجب تلافيها ولكن رغم شوقى الى الكمال فاانا اعجز عن تحقيقه لنفسي ومادمت عاجز عن تحقيقه ع الاقل بالنسبه لي فانا اشد عجزا عن خلق نفسي ومن ثم فقد خلقنى غيري وهذا الغير اكمل منى وهو ليس مثلي لان الناقص لا يخلق من هو أكمل منه ومن هنا لا يبقي سوي المطلق
فيقول " اننى قادر بغير ادنى شك على تخيل خالق مطلق سرمدي ابدى ازلى مطلق غير محدد بزمان ولا مكان .. لديه المعرفه الكامله خلقنى وخلق سائر الأشياء "
وعن طريق اثباته لذاته ثم الله اثبت وجود العالم الخارجي عندما قال
انه مادام الله موجود فهو صادق بالضروره لان الكذب يتنافي مع الكمال .. ومدام هو صادق فهو صادق في كل شئ خلقه .. وهذا الصدق هو الضامن او اليقين الذى يضمن وجود العالم الخارجي وهو ما سيمنع الشيطان من خداعنا ..

..
تمت
gilan saleh
4-6-2010
6:25 pm
##