الأحد، 30 مايو 2010

فرانسيس بيكون .. فيلسوف الأحلام




تكمن قيمه ما يبدعه الفلاسفه في أنهم يرون ما لا يراه الناس العاديون .. فهم عندما يتأملون ما حولهم ينظرون إليه نظره مختلفه ونادره والأهم انها متميزه ومثمره .. قد تبدأ القصه بحلم مثلما بدأها افلاطون في محاورته الجمهوريه .. أو بتمرد مثلما فعلها ميكافيلي في كتابه الأمير .. أو بتخيل كما رسمه جون رولز عن نظريته حجاب الجهاله ..
و مهما كانت الدوافع التى دفعت عقلهم ليسطر الإبداع بكل قوته .. فإن الدافع الأول والشراره الأولى تسكن دائما في قلب الدهشه التى جعلتهم يخرجوا عن القطيع .. فثار ضدهم الجميع .. نعتهم البعض بالمجانين .. وحولهم الآخرون الى ملحدين .. وألصقوا التهمه بهم متمثلين في دور رجل اعمي لا يري ولا يبصر ..
قد تخرج افكارهم للنور لتغير فكره وتشيد حضاره او حتى تهدم ثقافه لتبني صرح ثقافه آخري .. قد تغوص تأملاتهم لسبر اغوار النفس البشريه لتستخلص مفاهيم وعلاقات ونظريات تقلب العلم رأسا على عقب .. قد تتصادم آرائهم مع جميع السلطات .. قد تحرق مؤلفاتهم و تُسلب ارواحهم وقد يقضون بقيه حياتهم في برد المنفي لينعموا بالموت وسط افكار أقرانهم ..ولكنهم دائما وأبدا سيبقون عظماء لم تنجب البشريه مثلهم ..
قصتنا تبدأ من حلم فيلسوف عظيم تحققت كافه أحلامه بعد ان مر عليها أربعه قرون .. بدأ حلمه بتخيل حديقه تحتوي على كافه أنواع النباتات النادره في العالم .. قد يبدو الأمر صعبا لكنه ليس مستحيلا فحديقه كيوجاردنز الان في غرب لندن تضم كافه النباتات النادره في العالم ..
أؤمن وبشده على انه حتى الفلاسفه الذين أعلوا من شأن العقل فهم يمتلئون أولا بالإيمان .. على الاقل إيمانهم بقدره العقل .. كذلك فإن فيلسوفنا آمن بقدره العلم إيمانا مطلقا ليس فقط على تحسين احوال البشر لكن بقدرته على ان يحقق مطر صناعى وتبريد صناعي وحتى توليد فصائل جديده من الحيوانات والنباتات عن طريق التلقيح ..بل وتصوره لنوع من السفن يسير تحت الماء واخري تطير في الهواء .. كل هذه التخيلات والتى قد تحققت الىن بأكملها الا ان المنبع الاول والركيزي الاساسيه قد بدات من عقل فيلسوفنا ..فيلسوف الاحلام ..
فمن هو فيلسوف الأحلام- هكذا أسميته - الذى نتحدث عنه ؟؟
إنه فرانسيس بيكون الفيلسوف ورجل الدوله والمؤلف ..
ولد فرانيسي بيكون في مدينه لندن 22 يناير 1561 والتحق بجامعه كامبريدج .. رحل الى فرنسا واشتغل في السفاره الإنجليزيه ثم ما لبث وان عاد الى وطنه ليعمل كمستشار للملكه إليزبيث .. الى جانب الوظائف السابق ذكرها عمل بيكون كمدع عام لإنجلتزا واشتهر بدوره المحوري في الثوره العلميه وبفلستفه الجديده القائمه على الملاحظه والتجريب .. كما انه من الرواد الذين تنبهوا الي غياب جدوي المنطق الأرسطي القائم على القياس
..
شهد القرن السابع عشر تغيرات هامه جدا في طريقه تفكير الكثيرين فجعلته بمثابه ثوره إلا انها لم تكن بالغه الاثر نتيجه للضغوط القويه المستحدثه التى أثرت على بناء الفكر وتلاحمه .. وقد جاءت هذه الضغوط من الافكار العلميه التى فجرها جاليلوا ونيوتن .. كذلك الإصلاح الديني الذى تحدي السلطات التقليديه والثوره الصناعيه والتوسع وراء البحار مما كشف الأوربيون على حضارات أجنبيه جديده .. كل هذه العوامل اثرت على طريقه التفكير ولم يكن أمام الفلسفه سوي الإستجابه وإستيعاب اكبر قدر ممكن من المعلومات ولهذا الغرض إبتدأت بالشك .. فالتفكير العلمي يبدأ من الشك لا من الإيمان
يقول بيكون لو بدأ الإنسان من المؤكدات لإنتهي الى الشك ولكنه لو بدأ بالشك لغنتهي الى المؤكدات .. كما أن إفساح المجال امام الشك له فائدتان
الاولى "- ان تكون كالدرع الواقي للفلسفه من الوقوع في الاخطاء
الثانيه "- تكون كحافز للإستزاده من المعرفه
فلسفه بيكون
يعتبر بيكون هو حلقه الوصل بين القديم والحديث حيث أدرك ان إنحطاط الفلسفه يرجع الى عده عوامل اهمها إختلاط الفلسفه بالدين .. وإعتماد الناس في أحكامهم على الأدله النقليه والتمسك بالآراء السابقه على انها آراء مقدسه بعيده عن اى شك ..
وقد أدرك بيكون بإن العيب الأساسي يكمن في طريقه التفكير لدي فلاسفه اليونان والعصور الوسطي حيث ساد الغعتقاد بان العقل النظري وحده يمكن ان يوصلنا الى العلم .. فالداء كله يكمن في طرق الإستنتاج الذى لا يؤدي الى حقائق جديده فالنتيجه متضمنه في المقدمات ..فثار ضد تراث افلاطون وارسطو وبدا له ان الفلسفه المدرسيه تراث ملئ بالثرثره !!
وقد اعتقد بيكون انه وجد الطريقه الصحيحه للفكر عن طريق المنهج العلمي القائم على الملاحظه والتجربه .. فقد ىمن بالعلم إيمانا مطلقا وبقدرته على تحسين احوال البشر فجعل العلم أداه تعين الإنسان على فهم الطبيعه والسيطره عليها وهذا ما عبره عن بعبارته المشهوره المعرفه هي القوة فالمعرفه لديه ينبغي ان تثمر في أعمال والعلم ينبغي ان يكون قابلا للتطبيق في الصناعه ويؤدي الى تغير حقيقي في حياه الناس
ولذلك صنف بيكون العلوم او الإدراك الى ثلاثه علوم
علوم الذاكره ويختص بها التاريخ وهو بدوره ينقسم الى تاريخ مدني " الإنسان والكنيسه " وتاريخ طبيعي " دراسه الظواهر الطبيعيه "
علوم المخيله ويختص بها الشعر وهو ينقسم الى شعر قصصي ورمزي وتمثيلي
علوم العقل يختص بها الفلسفه وهي فلسفه انسانيه وإلهيه وطبيعيه
المنطق الجديد
كان بيكون يري ان المعرفه الحقيقيه هي التى تبدا من الملاحظه والتجربه وصولا للقانون العلمي .. وهذه هي اساس النظريه العلميه التى عرضها في كتابه الاورجانون الجديد او المنطق الجديد .. حرص في الجزء الاول منه ان يبين الاخطاء التى يقع فيها الإنسان وضرورة التخلص منها لكى نصل الى اليقين .. وهذا هو الجزء السلبي في منهجه ام الجزء الثاني وهو الإيجابي عرض فيه نظريته الإستقرائيه متخذا الحراره كمثال توضحي ..
اولا الاوهام التى يجب التخلص منها وهي اوهام الجنس .. الكهف .. السوق .. المسرح
اوهام الجنس وهي تلك الاوهام التى يشترك فيها الجنس البشري بأكمله مثل التسرع في إصدار الحكم او ان نفرض على الطبيعه نظاما اكثر مما هو موجود فيها او تفسيرها على غرار الفعل الإنساني
اوهام الكهف تختلف من كل شخص للىخر فهي مرتبطع بعمليه التنشئه والغطلاع والتربيه
اوهام السوق مرتبطه بإستخدام الإنسان الفاظ اللغه بمعاني غير معانيها الحقيقيه كما نشاهد في عمليه البيع والشراء وهي مرتبطه بمجالات الحياه
اوهام المسرح هي مرتبطه بتلك الهاله من القداسه التى نضفيها على فكر السابقين كما يفعل الفلاسفه مع افكار ارسطو ..
اما العلم عنده فيجب فصله عن الدين والمعرفه العلميه ينبغي ان تقوم بعيدا عن الادله النقليه .. اما الجزي الاخير من منهجه وهو يوضح فيه قواعد المنهج الإستقرائي ويتخذ الحراره كمثال توضيحي .. فوضعها في ثلاثه جداول
الاول وضع فيه الاشياء والظواهر التى تظهر فيها الحراره .. تحت عنوان قائمه الحضور
الثاني هو قائمه الغياب ويتضمن كافه الظواهر لتى تنعدم فيها الحراره اما الجدول الاخير فهو قائمه التفاوت وهي تتضمن الظواهر الى تتفاوت فيها درجه الحراره بالتزايد او بالنقصان
هذه الجداول الثلاثه وضعها بيكون لتكون أداته في ميدان الكشف العلمي يطبقها على عدد كبير من الملاحظات والتجارب ..

==
Gilan saleh
30-5-2010
3:14 pm

هناك تعليقان (2):

Unknown يقول...

مش معقوله تحفه أكثر من رائع وأكثر من ممتاز يسلمواااا والله يسددخطاكي

عايشه للإسلام يقول...

حبيبه قلبي
ربنا يكرمك ياعمري يارب
ان شاء الله اكتب مقال قريب عن جادمير
يااااااااااارب