السبت، 26 ديسمبر 2009

النبوة


يتضمن هذا الفصل العناصر التاليه
= تعريف النبوة
= اهميه قضيه النبوه وتعليل اهتمام الفارابي بها
= آراء احمد بن اسحاق الرواندي ف انكاره للنبوة
= آراء ابو بكر الرازي في إنكاره للنبوة
= آراء الفارابي ف الرد عليهم وضع دعامته الفلسفه لمبحث البنوة
= نقد نظريه الفارابي ف النبوة
= تعقيب دكتور ابراهيم مدكور عن نظريه الفارابي ف النبوة
= الادله على وجود النبوة .. جانب تاريخي موثق .. وجانب موضوعي مشاهد
=آراء بن رشد في النبوة .. المعجز الحسي ابرانى والمعجر العقلي الجواني
..
يعتمد كل دين سماوي على الوحي والإلهام وما النبي الا بشر منح القدره على الاتصال بالله ..فلا يري رؤيه الا وجاءت كفلق الصبح ولا يقضي بقضاء الا وهو ينفذ إراده الله عز وجل والإسلام ككل الديانات فعقائده وقوانينه مأخوذه من الكتاب والسنه" وما ينطق عن الهوي ان هو الا وحي يوحي علمه شديد القوى " فمن ينكر الوحي ينكر الإسلام في جملته
وتعتبر قضيه النبوة من القضايا الهامه التى اهتم بها فلاسفه الإسلام بعامه والفارابي بخاصه فقد اهتم بها الفارابي نتيجه لموجه الشك والإنكار لبعض اسس الاسلام ومبادئه تلك الموجه التى اجتاحت العالم الإسلامي نتيجه لإختلاط المسلمين بعناصر ذو عقائد وديانات متباينه .. واخذت هذه العناصر تبث آرائها ومعتقداتها وإثاره الشبهه حول قضايا الاسلام حتى بلغ الشك في النبوة والوحي ..
فنجد المزدكيه والمانويه في اقرن التاني للهجره بدأو ينشرون فكره التثنيه ويهدمون فكره التوحيد والبراهمه في الهند كانوا ينشرون فكره تناسخ الأرواح وينكرون النبوة والوحي وقد تصدت المعتزله لمثل هذه الادعاءات بالادله العقلبه .
ولعل من اشهر منكري النبوة احمد بن اسحاق الرواندي وابو بكر الرازى الطبيب المشهور
ابن الرواندي
= من اصل يهوديإنتمي المعتزله ثم خرج عليهم واخذ يثير الشبهات حول الإسلام والمسلمين
لازم الملحدين لفتره كبيره واتصل بهم اتصالا وثيقا واصبح دسيسه ضد الاسلام والمسلمين ينشر فيهم عناصر الزيغ والإلحاد
= كتب كتب كثيره كلها انتقاص للإسلام ورجاله منها .. الفرند للطعن في النبي .. والزمرده في انكار الرسل وابطال رسالتهم .. وكتاب الدامغ ليعارض به القرآن الكريم وكتاب فضيحه المعتزله ليرد به على كتاب فضيله المعتزله ..
تتلخص افكار ابن الرواندي في إعلائه من شأن العقل حيث قال ان العقل يغني عن الرسول او النبي فبالعقل نعرف الخير والشر ونميز بين الحق الباطل فلا بد من الاهتداء بالعقل غناء عن الاهتداء بالرسل والانبياء .. فإذا جاء الرسول بكلام يوافق العقل فلا حاجه للنبي لكفايه العقل وان جاء بكلام يعارض العقل فليس علينا اتباعه والانصات اليه بل يجب علينا اتباع العقل في كل الاحوال ويشكك ابن الرواندي في المعجزات ويرفضها ف جملتها وتفاصيلها فقال من الذى يسلم بان الحصي يسبح وان الذئب يتكلم ومن هؤلاء الملائكه الذين انزلهم الله يوم بدر لنصره نبيه واين كانت الملائكه يوم احد عندما تواري النبي بين القتلي ولم ينصره أحد ..


اما ابو بكر الرازي فهو اكبر طبيب في العصور الوسطي ..له كتب ف الفلاسفه وان كانت شهرته ف الطب اوسع منها كفيلسوف ..هاجم ارسطو وخرج على كثير من نظرياته الطبيعيه والميتافيزقيه .. يري ان الفلسفه هي السبيل الوحيد لإصلاح الفرد والمجتمع ..كتب كتابين عدهما البيروني م الكفريات هما مخاريف الأنبياء او حيل المتنبئين .. ونقض الاديان او ف النبوات
تتلخص افكاره في انه يري ان الاديان هي اصل التنافس والتطاحن حيث قال ان المعجزات النبويه هي ضرب من الأقاصيص الدينيه وان التعاليم الدينيه متناقضه يهدم بعضها البعض ذلك لان كل نبي ياتى فيلغي رساله سابقه وينادي ان ما جاء به هو الحق ولا حق سواه والاديان في جملتها هي اصل الحروب التى وقعت فيها الانسانيه منذو قديم الزمان .. فيقول ان الاولى بحكمه الحكيم ورحمه الرحيم ان يلهم عباده اجمعين معرفه منافعهم ومضارهم في عاجلهم وآجلهم ولا يفضل بعضهم على بعض فلا يكون بينهم تنازع ولا إختلاف فيهلكوا ولا يجعل بعضهم أئمه بعض فتصدق كل فرقه إمامها وتتصارع مع الفرق الأخري "
سعي الفارابي في نظريته ف النبوة الرد على شكوك الشكاكين ثم وضع اساس عقلي للنبوة ولاحظ الفارابي ان معظم منكري النبوة يدين اكثرهم بالبحث العلمي ويتزعم معظمهم بدعوى حريه الفكر .. فركز جهوده على جانبين
= جانب الدفاع ورد الشبه ودحض الادله الوارده من فريق المنكرين وهذا هو الجانب السلبي
= العمل على منح نظريه النبوة اساس عقلي ونفسي جدير بان يظفر بقبول هؤلاء الذين لا يقبلون الا بالادله العقليه وهذا هو الجانب الإيجابي
تتصل نظريه الفارابي ف النبوة بنظريه المعرفه والسعاده والفيض لديه اذا ان قمه المعرفه التى تشكل في الوقت نفسه قمه السعاده تنتج عن طريق الاتصال بالعقل وهذا العقل يشكل حلقه الوصل بين اعالم العلوى والعالم السفلي .. اساس نظريه الفارابي في النبوة ترتكز على تأثره بنظريه الاحلام الارسطيه التى يقول فيها ان النوم هو فقد للاحساس والحلم صورة ناتجه عن المخليه التى تعظم قوتها اثناء النوم على أثر تخليها من اعمل اليقظه وبما ان الحواس تحدث فينا اثرا بعد زوالها تماما كوجودنا ف الظل بعد تعرضنا لفتره طويله لضوء الشمس فنحن نبقي برهه لا نري شيئا وكذالك اذا ما حدقنا النظر ف لون واحد لفتره طويله فاننا نري بعدها كل الاشياء بنفس اللون وهذا معناه ان الاحساسات مهما إختلفت فانها تترك فينا اثرا واضحه وهذه الاثار تعطينا فكره مقربه عن اثاره الداخليه التى تحتفظ بها المخيله وتبرزها عند ظروف معينه ..وعلى ذلك تكون الاحلام عباره عن اثار احساسات سابقه تاخذ ف المخليه صورا شتى
ومن المهم ان نكشف عن طبيعه الأحلام فاننا ان فسرنا احلام تفسيرا علميا استطعنا ان نفسر النبوة ذلك لان الإلهامات النبويه لن تتم الا في حاله من النوم او اليقظه اى على هيئه رؤيه صادقه اثناء النوم او على هيئه وحي الهي فالرؤيه الصادقه ما هي الا شعبه من شعب النبوة تتصل بالوحي ف الغايه وتختلف عنه في الوسيله واذا فسرنا الواحد امكن تفسير الآخر .. ويري الفارابي انه اذا كانت مخليه الانسان قويه جدا استطاعت الاتصال بالعقل الفعال وانعكست صور الكمال والجمال ومن ثم يمكن القول ان الفارابي يري ان ميزه النبي الاولى ان تكون له مخيله قويه تكمنه من الاتصا بالعقل الفعال اثناء النوم او اليقظه وليس الوحي سوي فيض من الله عن طريق العقل الفعال .. وهناك اشخاص قوي المخليه لكنهم يتصلون بال8عقل الفعال اثناء النوم فقط وهؤلاء دون الانبياء وهناك اشخاص لا يتصلون بالعقل الفعال لا ف النوم ولا في اليقظه وهؤلاء العامه والدهماء فهؤلاء مخيلتهم ضعيفه لا تسمو الى درجه الاتصال ومما لا شك فيه ان تبني الفارابي لنظريه الاحلام الارسطيه كأساس للنبوة يعتمد على اساس قرآنى بحت والدليل على ذلك قصه سيدنا يوسف عليه السلام ورؤيه سيدنا ابراهيم وكذلك النبي محمد عليه الصلاه والسلام ويوضح الفارابي ان النبي ما هو الا انسان وهبه الله عز وجل مخيله قويه تمكنه من الحصول على الإلهامات ف اليقظه والنوم وقال كذلك الفيلسوف يستطيع الاتصل بالعقل الفعال عن طريق تعمق التفكير وهكذا ساوي الفارابي بين النبي والفيلسوف !!
نقد النظريه
في محاوله الفارابي لوضع اساس عقلي للنبوة اعتمد على نظريه الأحلام الارسطيه وعلم النفس الارسطي وكذلك تأثر بعناصر من افلوطين في تصوره لنظريه الفيض والاتصال بالعقل الفعال
تاثر ايضا بعناصر دينيه ف وجود مبرر شرعي عن الاحلام والرؤيا الصادقه ف القران الكريم
ومجموع هذه العناصر الذاتيه التجريبيه والنفسيه الارسطيه عن طريقهما استطاع الفارابي وضع دعامته الفسلفيه لنظريه النبوة من اجل التوفيق بني الدين والفلسفه دون ان يدري انه يوفق ما بين الفسفه اليونانيه والدين الاسلامي بالذات على اختلاف روحهما
ساوت النظريه بين النبي والفيسلوف عندما قال الفارابي ان النبي يستطيع الاتصال بالعقل الفعال عن طريق تعمق التفكير وهكذا فان مصدر المعرفه عند الاثنين هو الاتصال بالعقل الفعال وهذا غير صحيح
ولكن دكتور ابراهيم مدكور يري ان الفاراب لم يقف عند هذا بل ميزبين النبي والفيلسوف في كتابه اراء المدينه الفاضله عندما قال ان النبوة مختصخ في روحها بقوة قدسيه تذعن لها غريزة الخلق الاكبر كما تذعن لروحك غريزة الخلق الاصغر فتأتى بمعجزات خارقه عن العادات ولا تصدأ مرآتها ولا يمنعها شئ عن انتقاش ما في اللوح المحفوظ من الكتاب الذى لا يبطل وذوات الملائكه التى هي الرسل فستبلغ مما عند الله الى عامه الخلق "
ولكن اكبر نقطه انتقاد توجه الى الفارابي ان نظريته تدفع الكثر لإعتقاد ان البنوة مكتسبه كالفلسفه وهذا ضد اعتقاد اهل السنه والجماعه الذين يقولون ان النبوة هي اصطفاء من الله لأناس اصحاب مواهب فطريه خلقهم الله بها
ولكن يمكن القول ان الفارابي هدفه الاول والاخير كان الرد على منكري النبوة عن طريق اساس عقلي وفلسفي يظفر بقبولهم !!
لا شك ان هناك العداد من الادله التى يمكن ان تقام على صدق النبوة
= الجانب الاول التاريخي الموثوق ويتصل برجل امي ظهر في زمان ومكان معين ذى اصل ونسي معروف ادعي النبوة وطولب بالادله فقدمها من كل وجه ثم القي تعاليمه التى لا تخدم مصلحته الذاتيه ف شئ بل تخدم البشريه بأكملها .. وقام بعده متنبئين طولبوا بالادله فعجزوا فبادوا وبادت ذكراهم وبقي هو في التاريخ الرجل الامي الذى علمه الله وترك لنا دستورنا الذى هو الجانب الموضوعى المشهود فهو خير دليل على بيان اعجازة من الناحيه الدينيه ومن ناحيه التنبؤ بالمستقبل وعرض اسرار النفس البشريه وهذا دليل قاطع على ان محمد صلي الله عليه وسلم ما ينطق عن الهوي فهو لم يتدخل فيه بشئ ولو كان يريد ان ينسب هذا القرآن لنفسه لما قال " وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر " فهو لم يتدخل فيه بشئ ولم يحذف حرق ولالم يعدل كلمه واخده وقوله تعالي " ويسألأونك عن الروح قل الروح من امر ربي "


اما ابن رشد فقد انتقد طريقه المتكلمين في اثبات النبوة واتبع منهج خاص به في اثباتها
قال ان بعث الله الرسول للناس من البشر يعتبر لطف منه جل وعلا بهم ليكون سبب في ايمانهم بما وصلو ا اليه بالادله العقليه وايدته الرساله الالهيه ولكي يعرفوا ما عجزوا عن معرفته لوحدهم
قال ان الله عزوجل متكلم وقادر فلا مانع لديه من ان يبلغ رسالته باى وسيله يريد ملك روح خلق اصلاات ف سمعه اى شئ
ويمكن القول ان ابن رشد انتقد طريقه المتكلمين وقال ان النبوة تثبت من خلال المعجز الحسي البرانى والمعجز العقلي الجواني ويري بن رشد ان المعجز العقلي هو الاخلاقي ذلك لان النبي عليه الصلاه والسلام لم يدع النبوة متحديا المعارضين المكذبين لرسالتهم بامور خارقه للطبيعه والدليل على ذلك ان قريش عندما طلبت من الرسول ان يسقط السماء عليهم او يفجر الارض ينبوعا امره الله تعالي ان يجيب سبحان ربي هل كنت الا بشرا رسولا .. ولكن الذى تحدي به الناس جميعا والبشريه بأكملها هو القران الكريم المعجز العقلي الجوانى فنحن متى قرأناه وفهمناه عرفنا يقينا انه يتضمن اشياء والانباء بامور غريبه لم يكن محمد عليه الصلاه والسلام يعرفها قبل الوحي ووضح ان المعجزة لا بد ان تكون مناسبه لرساله النب تلك الرساله التى تكون هدفها هو هدايه الناس وارشادهم فالقرآن هى المعجزة الكبري وانه كلام القاه الله عز وجل على لسان نبيه ولذلك قال تعالي " ق لئن اجتمعت الانس والجن على ان يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا "
وهكذا ثبت ان القرآن الكريم معجز بنظمه واسلوبه ومناسب تماما لرساله النبي وانه موحي من عند الله وهكذا فانه من الطبيع ان يكون ما جاء على لسانه نبي وبخاصه اذا كان امي " وما كنت تتلو من قبله كتاب ولا تخطه بيمينك اذا لارتاب المبطلون "
==




ليست هناك تعليقات: